يحيى حسن.. لقد فَضَحَنا جميعا وراح ليخلد الى النوم مبكرا
لا أتدافع مع الآخرين لمجرد قول كلمة ستُنسى غدا فروحي منطفئة مذ سماع خبر موته. ومن جانب ثانٍ أشعر بغضب يكاد يوازي الغضب الذي كان ينطوي عليه شعره، فيمدّه بطاقة السَحَرة وهو يرتّله ترتيلا، بطقسه المُلفِت وصوته الفتي الذي يرغم الناس على التزام الصمت والانصات. مات الشاعر الشاب يحيى حسن! وكلّ ما نكتبه نحن الكبار زيفا، نطلب السِتْر من ورائه حيال ما كتبه.
استنزفته الحرية التي كان ينشدها، أضعفه “الوحش البريء” الذي يسكنه باحتجاجه على الظلم والقسوة والخواء واللامهادنة التي اختطّها طريقا لحياته! خانَه عمره الفتي!
دنى غالي
لقد فَضَحَنا جميعا وراح ليخلد الى النوم مبكرا على غير عادته! بانتقاده الجريء لزيف القيم والعادات التي ندعيها، لمسخرة الإيمان الذي يدعّونه، للتنشئة الخاطئة التي تقوم على الإهانة والضرب والكذب والغش والازدواجية، للذنب الذي حمّلوه إياه والذي لم يكن له ذنب فيه، ابن الغيتوهات الذي فاجأ الجميع بصوته الخاص الصارخ المتمرد الوحيد المجنون الذي جعل الناس تهرع لتقرأ كتابه الشعري فركضت المطابع تنسخ الطبعة تلو الطبعة لتلبي الطلب عليه. لن تتمكن الترجمة من نقل لعبه العصبي بالكلمات، لاستنباطه الكلمات، كانت لغته وحده، ولن تكفي وحدها لتنقل قوة الرسالة من دون تجويده هو لها بصوته الحيادي الرافض لأدنى كلمة مجاملة أو عطف.
أدان الجميع، الفلسطيني والدنماركي والاسرائيلي بصوت سياسي ساخر متفرّد، أدان المجتمع ونفاقه الاجتماعي من الجانبين، ولم يبق على طرفٍ مناصر يسنده في حياته. غدَرَ به ناسه أولا، تمّ تهديده وترويعه، وعاش تحت الحراسة، استفزوه وسارت أحكام السلطة عليه حرفيا لينزل العقاب عليه بالسجن، ولم يكن كل ذلك إلا عرسا للميديا! جعلنا منه أداة، كل منا يتصرف بها كما يحلو له.
استنزفته الحرية التي كان ينشدها، أضعفه
“الوحش البريء” الذي يسكنه باحتجاجه على الظلم والقسوة والخواء
واللامهادنة التي اختطّها طريقا لحياته! خانَه عمره الفتي!
لتنام الآن يا يحيى وليهنأ أولئك! وكل العزاء والسلوان لأهلك ومحبيك
وأصدقائك.
أحاول أن اترجم القليل له هنا بقليل من الانفعال؛
أنا لا أحبكم أيها الآباء أيتها الأمهات أنا أكره حوادثكم
أكره حجاباتكم وقرائينكم وأنبياءكم الأميين
وآباءكم مغسولي الأدمغة
وأطفالكم مغسولي الأدمغة
عيوبكم وصلواتكم ومساعدات ضمانكم
أكره البلاد التي لكم وأكره البلاد التي صارت لنا