الدنماركيون يحتفلون بذكرى التحرير من الاحتلال النازي
تحتفل الدنمارك اليوم بالذكرى الخامسة والسبعين لتحريرها من المحتل النازي. وقد اكتفت الجهات ذات العلاقة بنشاطات بسيطة بعد أن ألغت كافة الفعاليات الكبيرة التي أعدتها لهذه المناسبة، بسبب وباء كورونا الحالي.
من راديو لندن
تم إعلان تحرير الدنمارك من قبل القائد البريطاني الشهير برنارد مونتغمري في مساء الرابع من ماي/أيار عام 1945، ومن خلال راديو لندن الذي نقل الخبر العاجل. ووقع القادة العسكريون الألمان وثيقة الاستسلام الكامل لقواتهم في الدنمارك وهولندا و ساحل ألمانيا الشمالي في الساعة السادسة من مساء ذلك اليوم، على أن يسري مفعول اتفاق الاستسلام في الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي. وفور سماعهم الخبر خرج مئات الآلاف من الدنماركيين الى الشوارع للاحتفال بالتحرير.
اجتياح سهل
وكانت القوات الالمانية قد اجتاحت الدنمارك في التاسع من أبريل/نيسان عام 1940، ليس لأهميتها الاستراتيجية كما يذكر المؤرخون، وإنما لكي تتخذها قاعدة للانطلاق نحو النرويج. ولم تواجه القوات الالمانية مقاومة قوية بسبب ضعف القوات الدنماركية عدداً وعُدٌة، وضخامة القوات الألمانية وشراستها. حيث قتل في بداية الهجوم 13 جنديا دنماركيا حاولوا التصدي للقوات المهاجمة وقتل 203 جنود ألمان. وبعد ساعتين أعلن المجلس الوطني الدنماركي rigsråd المكون من الملك ورئيس الوزراء ووزيري الخارجية والدفاع وقادة الجيش، استسلام البلد والتفاوض مع المحتل لكي تحقن دماء الشعب وتقلل الخسائر الى أقل مايمكن. وقد رحبت القوات النازية بقرار الحكومة الدنماركية وتعهدت بالحفاظ على سيادة الدنمارك! لكنها سرعان ما تخلت عن وعودها، ففرضت الاحكام العرفية وأعدمت المئات ونهبت تروات البلد والمواطنين.
حركات مقاومة
وبعد فترة وجيزة ظهرت حركة المقاومة الدنماركية للمحتل النازي، وكانت في البداية عبارة عن مجموعات متفرقة وغير منظمة، ومن أوائل تلك المجموعات، نادي تشرشل الذي شكله عدد من الشباب في مدينة ألبورغ، واقتصرت نشاطاته على سرقة الأسلحة من العدو وتخريب بعض المباني التي يشغلها وإشعال الحرائق فيها. ثم ظهرت بعد ذلك مجموعات أخرى في مختلف مدن البلاد، وقامت بفعاليات مماثلة. وفي عام 1942 أسس الشيوعيون الدنماركيون وغيرهم، حركة المقاتلين الوطنيين التي أصدرت أشهر جريدة في ذلك الوقت وهي جريدة الشعب والأرض folk og land، وقامت بأعمال مسلحة عديدة، وأحرقت مصانع كبرى استخدمها الألمان لصالح قواتهم، واغتالت متعاونين مع قوات الاحتلال. كما ظهرت مجموعات منظمة أخرى مثل هولغر دانسكه، والصخرة البيضاء وغيرها، اعتمدت جميعها على السرية التامة في حركتها ونشاطاتها. ولمعت أسماء بعض القادة من أمثال ماريوس فيل وفليمنك جونكر. والى جانب المقاومة العنيفة، تشكلت حركات للمقاومة السياسية ومن أبرزها حركة الدنمارك الحرة التي أسسها عام 1942 السياسي المحافظ جون كريستيان موللر وزعيم الشيوعيين أكسل لارسن. واصدرت الحركة جريدة تحمل نفس الاسم.
ويعتبر بعض المؤرخين أن من أهم الاعمال الإنسانية التي قامت بها المقاومة الدنماركية في ذلك الوقت، هو تهريب المئات من اليهود الدنماركيين الى السويد لانقاذهم من النازيين.
بعد التحرير
تسبب الاحتلال النازي للدنمارك بخسائر كبيرة في الارواح والثروات. فقد قتل حوالي 3500 مدني بعضهم في القصبف، والبعض الآخر في المعتقلات والمحارق والبحار، وخسرت حركات المقاومة حوالي 400 شخص من اعضائها.
واتخذت الحكومة التي اعقبت الاحتلال الكثير من قوانين العدالة الانتقالية حيث عوقب جميع من تعامل أو تعاطى مع المحتل، بمافيهم بنات الهوى، وأصحاب المحال التجارية وغيرهم. وفعلت الحكومة لفترة محدودو عقوبة الإعدام التي شملت 29 شخصاً ارتكبوا جرائم كبرى لصالح المحتل.
ويتذكر الدنماركيون، وخصوصا معاصرو فترة الاحتلال، في مثل هذا اليوم من كل عام تلك السنوات بألم شديد، ويجددون التمسك بحريتهم وبنظامهم الديمقراطي. لكنهم هذا العام لم يستطيعوا الاحتفال كما يجب بذكرى التحرير الخامسة والسبعين بسبب وباء كورونا.