باعته الحكومة السابقة لمستثمر سعودي: قصة معمل اللقاحات تعود إلى الواجهة
مع اشتداد وباء كورونا خلال الأسابيع الماضية، تذكَّر ساسة الدنمارك وصحافتها وخبراؤها قصة معمل اللقاحات الذي باعته الحكومة بمبلغ بخس قبل أربع سنوات لمجموعة استثمارية يملكها رجل الأعمال السعودي عبد العزيز الجميح.
فقد وصفت رئيسة حزب الشعب الاشتراكي بيا أولسن دوير، قرار البيع الذي عارضته في حينها، بالخطأ الفادح، وقالت في تصريح نشره موقع حزبها، من المؤسف للغاية أن تتغلب الاعتبارات الإقتصادية على العواقب المحتملة التي تمس صحة الدنماركيين. وطالبت بإعادة إنتاج اللقاحات داخل الدنمارك. أما المسؤولة السياسية لحزب اللائحة الموحدة برنيلا سكيبر، فقالت في مداخلة برلمانية، لدينا حاجة ملحة للقاحات ولإنتاجها من قبل المجتمع، وأضافت، من الضروري أن تعترف الحكومة بأن بيع معمل اللقاحات كان خطأً. ومن جامعة كوبنهاجن وصفت البروفيسور آنه هيرمان اللقاحات بأنها جزء من البنية التحتية للدولة. وقالت، عندما لا ننتج اللقاحات بأنفسنا نكون عرضة لضغوط السوق العالمية وهذا ما لا نستطيع التحكم به.
منتج يصعب تعويضه
وكان المعمل المذكور قبل بيعه، تابعاً لمعهد الامصال الدنماركي الحكومي، وقد تأسس عام 1902، ويقع الى جوار مبني المعهد في ضاحية آمه Amager جنوب العاصمة كوبنهاجن. وينتج المعمل لقاحات ضد الدفتريا وشلل الأطفال والسل والسعال الديكي والتيفانوس وغيرها. وكان يغطي حاجة البلد من هذه اللقاحات. لكنه الآن يبيع منتجاته في السوق العالمية.
خسارة مالية وصحية
بدات قصة بيع المعمل عام 2003 عندما كان لارس لوكه راسموسن وزيراً للصحة. وكان المعمل المذكور يعاني من أزمة مالية، ويسجل عجزاً مالياً لسنوات عديدة. لكن البيع لم يتم فعلا إلا في عام 2016 عندما كان حزب الفنسترا الليبرالي برئاسة لارس لوكه يحكم البلاد، ويطبق سياسته الليبرالية القائمة على أساس خصخصة كل ما يمكن خصخصته من القطاع العام. وعلى الرغم من الاعتراضات الكثيرة والقوية التي سجلها بعض الخبراء والسياسيين، حصل البيع وتمت الصفقة بموافقة الحكومة والأغلبية البرلمانية آنذاك. لكن ما أثار الاستغراب في حينه وحتى الآن، أن الثمن كان بخساّ جداً، وأن مستثمرين دنماركيين معروفين كانوا مستعدين لشرائه، وفوجئوا بثمنه. فقد بيع المعمل بحوالي 15 مليون كرون مع تسهيلات بإيجار المبنى التابع لمعهد الأمصال. وأصبح إسمه منذ ذلك الوقت Aj vaccines، في إشارة الى مجموعة الجميح مالكه الجديد.
وبعد وقت قصير تكشفت الخسارة المالية الكبيرة، حيث قُدِّر الثمن الحقيقي للمعمل من قبل جهات مالية مرموقة، بأكثر من ذلك بكثير، وقُدِّرت الخسارة بحوالي 280 مليون كرون. أما الخسارة الصحية فقد ظهرت مؤخراً عندما أصبحت حاجة البلد ملحة لمعمل يؤمن اللقاحات التي يحتاجها الاطفال، ويشارك في الجهود الدولية لإنتاج لقاح ضد فايروس كورونا. وهذا ما يسعى إليه معمل AJ حالياً حيث يشارك في السباق الدولي الحامي من أجل إنتاج لقاح كورونا المنشود.