المدعي العام يطلب حبسه.. راسموس بالودان متهم بالعنصرية والتشهير ويؤسس حزباً جديداً
أعلن المدعي العام في كوبنهاجن بعد ظهر اليوم الخميس أن راسموس بالودان رئيس حزب سترام كورس اليميني المتطرف، سيمثل أمام القضاء قريباً بأربعة عشر تهمة، ارتكبها في كوبنهاجن ومدن أخرى عندما كان يقوم بمظاهراته الاستفزازية، وطالب المدعي العام بحبس بالودان بسبب ذلك.
ومن بين تلك التهم الموجهة الى بالودان، انتهاك فقرة العنصرية في قانون العقوبات عندما قال كلاماً عنصرياً ضد رجل مسلم كبير في السن خلال مظاهرته عام 2018 في مدينة فريدريكسون (51 كم) شمال غرب كوبنهاجن. وتهمة اخرى بالتشهير والاهانة عندما سخر من امرأة بسبب أصولها الأفريقية ووصفها بانها بائعة هوى في احد شوارع كوبنهاجن المعروفة.
تزوير وحزب جديد
وكان راسموس بالودان، قد بدأ قبل أيام بجمع التواقيع من أجل تسجيل حزبه المتطرف الجديد (هارد لاين) استعداداً للانتخابات القادمة، وذلك بعد أن جمَّدت لجنة الانتخابات (Valgnævnet) ترخيص حزبه (سترام كورس) حتى سبتمبر من العام 2022، بسبب مخالفات ارتكبها في جمع التواقيع المطلوبة، والتي يجب أن لا تقل عن 20 ألف توقيع. فقد وجدت اللجنة أن حزب بالودان قام بالتكرار المتعمد لآلاف التواقيع التي جمعها من خلال البريد الالكتروني، لدخول الانتخابات البرلمانية الأخيرةالتي جرت في الخامس من يونيو حزيران من العام الماضي. وأوضحت اللجنة في قرارها الذي أصدرته في 30 مارس/آذار الماضي أن أكثر من 9000 بريد الكتروني قد تكررت أكثر من مرة، منها 730 بريد تكررت خمس مرات، وبريد واحد تكرر 56 مرة. حزب بالودان الجديد سيكون برئاسة نائبه جون أندرسن، وحسب خطته سيندمج الحزبان قبيل الانتخابات القادمة بعد أن يجمعا التواقيع المطلوبة. وبذلك يدخل بالودان السباق الانتخابي مرة أخرى. وزيرة الداخلية استرد كراو اعتبرت خطة بالودان مقبولة من الناحية القانونية.
وخلال الحملة الانتخابية التي سبقت انتخابات 2019، سنحت الفرصة للمتطرف بالودان بالمشاركة لأول مرة في المناظرات التلفزيونية مع قادة الاحزاب الاخرى، حيث عبر عن آرائه المعادية للمسلمين بصراحة تامة، وتوقعت استطلاعات الرأي وصوله الى البرلمان بعدة مقاعد، لكنه لم يصل الى عضوية البرلمان لأنه لم يحقق العتبة الانتخابية وهي 2% من مجموع الاصوات، وحصل بدلا من ذلك على 1٫8% منها، أي ما يعادل حوالي 10 ألاف صوت.
استفزاز متعمد وعداء صريح
اشتهر بالودان بمظاهراته وخطبه الاستفزازية ضد المسلمين، حيث تعمد إقامة مظاهراته في الأحياء التي يقطنها عدد كبير منهم، وذلك من أجل استفزازهم وجرهم الى الاصطدام بالشرطة التي تحميه. وقد نجح في ذلك عدة مرات، عندما تصدى له شباب مسلمون غاضبون وتجاوزوا المسموح به قانوناً. فمنعتهم الشرطة واعتقلت بعضهم. حدث ذلك في مدينة كوبنهاجن وضواحيها مرات عديدة، وحدث مؤخرا في أحد أحياء مدينة أرهوس حيث يقطن عدد كبير من المسلمين.
ويجاهر بالودان في مظاهراته بالعداء للمسلمين خصوصاً، ويطالب بترحيلهم فورا من الدنمارك، ويعتبر وجودهم بالبلد، وتكاثرهم السريع كما يقول، خطراً على القيم الدنماركية.
وقد أثارت مظاهرات بالودان استياء الكثير من الدنماركيين، سياسيين وإعلاميين وغيرهم، حيث وصفه بعضهم بالعنصري أحياناً وبالنازي أحياناً أخرى. وأكدوا على أن آراءه لا تخدم تطور المجتمع الدنماركي وتعدديته الثقافية، وأشادوا بجهود الآلاف من مسلمي الدنمارك في الاندماج بالمجتمع وإغنائه اقتصادياً وثقافياً. وأعلنت الشرطة التي تواكب مظاهراته وتحميه بأعداد كبيرة من عناصرها، أنها تبذل الكثير من ساعات عملها في حمايته. وهذا يكلف الدولة ودافعي الضرائب، أموالا طائلة.
إستغلال حرية التعبير
ويتساءل كثيرون في الوسط الاسلامي، عن سبب السماح له بالتعدي الصارخ على مشاعر المسلمين، والإساءة إلى القرآن الكريم، ويشكك بعضهم بحيادية الشرطة في هذا الجانب. لكن الشرطة، في الواقع، ملزمة بحمايته، وفقا للدستور والقوانين النافذة، طالما أنه يعبر عن آرائه بشكل سلمي، ولا يدعو للعنف، فحرية التعبير عن الرأي مصانة دستوريا وقانونيا في الدنمارك، وبالودان وأمثاله يجيدون استغلال هذه الحرية الى أقصى حد. في حين يعجز المسلمون حتى الآن عن ذلك.
الرد بالعمل والدراسة
ويجمع عدد من الناشطين العرب على أن خير رد على اليمين المتطرف واستفزازات رموزه، هو تعزيز المشاركة الفاعلة للمسلمين عموما والشباب منهم خصوصاً في الحياة الاقتصادية والثقافية للمجتمع، واحترام قيمه وقوانينه، أما ردود الفعل المتهورة التي تصدر عن بعض الشباب الغاضب تجاه بالودان وغيره فهي في الواقع ما يبتغيه اليمين المتطرف لتوسيع دائرة مؤيديه في المجتمع. وخير دليل على ذلك أنه بعد مظاهراته الاستفزازية في عدة أماكن من كوبنهاجن ومدن أخرى، والاصطدامات التي تخللتها بين الشباب الغاضب والشرطة، حصل على مزيد من المؤيدين. فبينما حصل في الانتخابات البلدية السابقة لعام2017 على 280 صوتاً فقط، كاد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة 2019 أن يفوز بعدة مقاعد. وحصل على حوالي عشرة آلاف صوت.
ومن المتوقع أن يواصل بالودان مظاهراته الاستفزازية، لكي يكسب المزيد من الاصوات، معتمدا في ذلك على ردود فعل الشباب الغاضب، فهل سيلبي هؤلاء الشباب بغضبهم المنفلت رغبة بالودان؟ أم سيتجاهلونه وينصرفون للعمل والتحصيل الدراسي والاندماج الايجابي في المجتمع، لكي يتضاءل وينتهى كما انتهى مَن سبقه في هذا الميدان؟
من هو راسموس بالودان؟
ولد راسموس بلودان في العام 1982، ونشط سياسيا في وقت مبكر في شبيبة حزب الراديكال فنسترا Radikal venstre، وفي عام 2008 تخرج بالودان محاميا من كلية الحقوق في جامعة كوبنهاجن.
وتنقل بعد ذلك بين عدة احزاب وحركات سياسية. منها حزب الفنسترا الليبرالي Venstre والحزب البرجوازي الجديد Nye Borgerlige وحركة يونيو، حتى شكل حزبه سترام كورس عام 2017 ودخل الانتخابات البلدية والبرلمانية. وانخرط بالودان في لجنة الدفاع عن الرسام السويدي لارس فيلكز الذي أساء للنبي الكريم في رسوماته، كما انخرط في لجان متطرفة أخرى.
ولدى بالودان شقيق كاتب وعضو ناشط في حزب البديل، وشقيقة شاعرة، وقد أعلنا كلاهما رفضهما لمواقف شقيقهما المتطرفة.