أسطورة المنك في الدنمارك تنتهي على كابوس كورونا بعد أقل من 100 عام.. شاهد التسلسل الزمني
نشر موقع الإذاعة الدنماركية تقريراً شيقاً حول صناعة فراء المنك في الدنمارك في تسلسل زمني يبرز أهم النقاط لكل مرحلة. وقد تصدر الحديث عن حيوان المنك الأخبار المحلية والعالمية مؤخراً بسبب قرار الحكومة الدنماركية إبادة جميع حيوانات المنك الموجودة على أراضيها والتي تقدر بحوالي 15 – 17 مليون منك في الدنمارك، وذلك بعد ظهور العدوى بفايروس كورونا في العديد من مزارع المنك في الدنمارك، والأخطر من ذلك هو ظهور نسخة جديدة متحورة من فايروس كورونا على 12 مصاباً انتقلت العدوى لهم من حيوانات المنك المصابة، ما يعني أن اللقاحات التي يجري العمل عليها لمكافحة وباء COVID-19 لن تستطيع مقاومة Cluster 5 -وهي النسخة الجديدة المتحورة من فايروس كورونا- بفاعلية، وبالإضافة لذلك فقد أعلنت الحكومة الدنماركية مجموعة من القيود التي منها ما يُفرض للمرة الأولى كما أعلنت بعض الدول الأوروبية منع دخول الدنماركيين إلى أراضيها وفرض حجر صحي على مواطنيها القادمين من الدنمارك.
تربية المنك في الدنمارك
يوجد اليوم حوالي 1000 مزرعة منك في الدنمارك، وتعد الدنمارك أكبر منتج في العالم لفراء المنك، و تخلق هذه الصناعة بشكل 6000 وظيفة في الدنمارك بشكل مباشر. ويعتبر المنك هو ثالث أهم حيوان في الزراعة الدنماركية – بعد الخنازير والأبقار. ومثّل الفراء حوالي 1٪ من إجمالي الصادرات الدنماركية خلال السنوات من 1960 – 2016.
ومع ذلك، فقد انخفضت الصادرات إلى أدنى مستوى في السنوات الأخيرة. ففي العام الماضي تم تصدير جلود المنك الدنماركية مقابل 4.9 مليار كرون دنماركي، وفي الوقت نفسه تم استيراد الجلود مقابل 1.9 مليار.(المصادر: كوبنهاغن فور، زراعة الفراء الدنماركية في الماضي والحاضر والمستقبل، إحصاءات الدنمارك)
ومن التجارب الأولى في الثلاثينيات إلى الصادرات بمليارات الدولارات في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. هكذا جعل بها مربو المنك الدنمارك دولة المنك الرائدة في العالم. وفيما يلي الخط الزمني لتطور صناعة المنك الدنماركية:
الثلاثينيات: السنوات الأولى
الستينيات: التعافي العظيم
التسعينيات: نشاط جمعيات حقوق الحيوان
2013: عام تسجيل الرقم القياسي
2020: قبل وبعد كورونا
هل تعلم أن الدنمارك اليوم هي أكبر منتج في العالم لفراء المنك؟ وأن الفراء الدنماركي من الطراز العالمي الأفضل؟
منذ ما يقرب من 100 عام كان إنتاج المنك جزءاً من الإنتاج التجاري في الدنمارك، ومع مرور الوقت تطورت هذه الصناعة إلى نجاح هائل حقق مليارات الكرونات في موطن مربي المنك الدنماركيين. وأصاب فايروس كورونا هذا الصيف بعض مزارع المنك الموجودة في الدنمارك والتي يبلغ عددها حوالي ألف مزرعة. وفي غضون أشهر أحدث فيروس مجهري حالة من الفوضى في هذه الصناعة الضخمة. أما اليوم فأصبح مستقبل مربي المنك الدنماركيين مجهولاً. وبينما لا يزال البعض يحلم بالعودة إلى المبيعات القياسية للسنوات السابقة، يتوقع البعض الآخر أن أسطورة هذه الصناعة الضحمة قد انتهت هنا.
نلقي نظرة فيما يلي على التاريخ المثير للجدل والناجح لتربية المنك الدنماركي.
الثلاثينيات: السنوات الأولى
في أوائل الثلاثينيات كان المزارعون الدنماركيون يبحثون عن طرق جديدة لكسب المال. وصل الكساد العالمي الذي بدأ في الولايات المتحدة عام 1929 إلى شواطئ الدنمارك. تضررت الزراعة الدنماركية بشدة وأخذت أسعار الزبدة واللحوم بالانخفاض. قام أحد المزارعين الدنماركيين بطرح حل لتلك المشكلة يتمثل في استيراد حيوانات جديدة إلى البلاد. وبدلاً من حلب الحيوانات الجديدة أو ذبحها لأكل لحومها، يُنتج منها الفراء!
بدأت التجارب الأولى بالثعالب المستوردة من النرويج، وبعد فترة وجيزة وصل المنك أيضاً إلى البلاد التي تم استيرادها في الأصل من أمريكا الشمالية، حيث أصل هذا الحيوان المفترس الصغير. وبعد ذلك سرعان ما اتضح بأن الدنمارك ملائمة جدا من أجل تربية المنك، فالشتاء المعتدل وشهور الصيف دون درجات حرارة مرتفعة يمنح الفراء المثالي للحيوانات.
وبالإضافة إلى المناخ، تمتلك الدنمارك أيضاً الكثير من الأعلاف الطازجة عالية الجودة. يمكن الحصول على أطنان من مخلفات الأسماك -والتي تعتبر علف ممتاز للحيوانات- من الموانئ الدنماركية. ونتيجة لذلك فقد تم إطلاق أولى مزارع المنك في المدن التي تقع حول الموانئ، وتم وضع حجر الزاوية الأول لما سيثبت أنه أسطورة نجاح دنماركية.
الستينيات: التعافي العظيم
في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية اكتسبت تربية المنك الدنماركية زخماً إضافياً. فقد ازداد عدد مزارع الفراء بسرعة خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ووصل عدد المزارع الدنماركية إلى أكثر من 6000 مزرعة. وكان الدافع الرئيسي وراء التطوير هو الطلب الكبير على الفراء الدنماركي في جميع أنحاء العالم. وتم تسويق بعض الجلود عبر المحيط الأطلسي إلى الولايات المتحدة ما جلب دولارات أمريكية جيدة إلى الدنمارك.
بعد بلوغ هذه الصناعة ذروتها في أواخر الستينيات بدأ عدد مزارع الفراء في الدنمارك في الانخفاض مرة أخرى باستثناء عودة قصيرة للذروة في أواخر الثمانينيات، وقد انخفض عدد المزارع حتى يومنا هذا.
ولكن بمرور السنين ، كبرت مزارع المنك الفردية أيضاً، حيث يوجد اليوم في المتوسط أكثر من 10 أضعاف عدد الإناث المتكاثرة في مزرعة المنك الواحدة مما كان عليه في عام 1970.
التسعينيات: نشاط جمعيات حقوق الحيوان
تأثر تاريخ تربية المنك الدنماركي أيضاً بمسألة الرفق بالحيوان.
فقد كان هناك على مر السنين العديد من الانتقادات لظروف المنك في المزارع الدنماركية، مثل السؤال الأخلاقي المتمثل في حبس الحيوانات في أقفاص فقط من أجل الفراء، بالإضافة لانتقادات أخرى من جمعيات حقوق الحيوان ومجموعات نشطاء.
وأصبحت المعارضة واضحة بشكل خاص في أواخر التسعينيات وأوائل القرن العشرين، عندما اقتحم نشطاء من مجموعة Dyrenes Befrielses عدة مرات مزارع المنك وأطلقوا الحيوانات من أقفاصها، كما قامت في الوقت نفسه بارتكاب أعمال تخريب ضد محلات الفراء.
ومع ذلك استخدم النشطاء البريطانيون وسائل أكثر صرامة من الوسائل الدنماركية. فقد كانوا هم على سبيل المثال وراء هجمات الحرق المتعمد على صناعة الفراء وزرع قنابل محلية الصنع واستهداف الأشخاص الذين يعملون في الشركات التي تستخدم حيوانات التجارب.
وعلى الرغم من المعارضة في الداخل والخارج ما تزال تربية المنك مسموحة في الدنمارك، بينما قامت العديد من الدول في أوروبا بحظر تكاثر المنك أو على وشك القيام بذلك. وهذا ينطبق على دول مثل المملكة المتحدة وهولندا وألمانيا وبولندا والنرويج وفرنسا.
2013: عام تسجيل الرقم القياسي
في عام 2013 انتعشت هذه الصناعة حيث وصلت أسعار جلود المنك الدنماركية إلى مستوى تاريخي مرتفع، وانتهى ذلك العام بتحطيم الأرقام القياسية السابقة. وبلغ حجم المبيعات حوالي 13 مليار كرون.
وحرست الصين أيضاً على أن يكون لها نصيب في هذه الصناعة، وتم افتتاح العديد من مستودعات الفراء الكبيرة وعدد كبير من المتاجر ملأ رفوفه لبيع الفراء للصينيين بشكل كبير إلى أن انفجرت تلك الفقاعة وانخفضت أسعار الفراء هناك بشكل حاد. وفي ذلك الوقت التفتت العديد من الدول الأخرى إلى هذه الصناعة التي تعني جني الأموال بسرعة من إنتاج الفراء. وأدى هذا الإفراط في إنتاج جلود المنك وعلى مدى السنوات القليلة التالية إلى زيادة كبيرة في العرض عن الطلب، ما أدى إلى انخفاض المبيعات وانخفاض الأسعار لمزارعي المنك الدنماركيين.
وصدرت الدنمارك فراء المنك بقيمة 12.8 مليار كرون دانمركي، وفي نفس الوقت فقد.بلغت واردات الجلود 2.4 مليار دولار.
وانخفضت الصادرات بشكل كبير عام 2019، حيث انتهى إجمالي الصادرات عند 4.9 مليار فقط، وكانت الواردات من الجلود 1.9 مليار. وتُباع جلود المنك الدنماركية بشكل حصري تقريباً للعملاء الأجانب.
وفي السنوات السابقة شكلت الصادرات الدنماركية من فرو المنك ثلث إجمالي مبيعات السلع الدنماركية إلى الصين / هونغ كونغ.
المصادر: Copenhagen Fur، Statistics Denmark
2020: قبل وبعد كورونا
دخلت صناعة المنك في الدنمارك عام 2020 في وضع صعب. ففي السنوات الأخيرة كانت الأسعار تسير في اتجاه واحد فقط: هبوطي. وبعد أن بلغت أسعار الجلود ذروتها في عام 2013 لم يتمكن مربو المنك في عام 2019 من جني ما يكفي من الأموال.
وفي منتصف فترة الانكماش الاقتصادي تلك تم العثور على عدوى كورونا في مزارع المنك في شمال يولاند في يونيو/حزيران. وخلال الأشهر القليلة التالية بدأ الفيروس في الانتشار إلى مزارع المنك في عدة أماكن في البلاد، ما دفع الحكومة الدنماركية إلى اتخاذ قرار بقتل عدة ملايين من المنك. وبذلك يكون مربوا المنك قد فقدوا بضربة واحدة كلاً من الأرباح وحيوانات التكاثر المكلفة التي أمضوا عقوداً في تربيتها وجعلها تتكاثر.
ولكن حتى قبل أن يجد الفايروس طريقه إلى المزارع ، فقد تأثرت تلك الصناعة بعواقب فايروس كورونا، حيث منع الوباء إجراء مزادات الفراء الكبيرة التي تقام عدة مرات في السنة في أكبر مزاد للفراء في العالم، Kopenhagen Fur في Glostrup. كما أن لا يمكن للمشترين معاينة الجلد ولمسه بأصابعهم.
ومع النهاية المأساوية لحوالي 17 مليون منك في الدنمارك بسبب فايروس كورونا يأمل بعض المربين في الحصول على حيوانات جديدة في الأقفاص في وقت مبكر من العام المقبل بحيث يبدأون العمل في صناعة جلود المنك الدنماركية مرة أخرى.
ولكن في الوقت نفسه يخشى آخرون من أن الأمر قد ينتهي أخيرا هنا مع ما يقرب من 100 عام من أسطورة المنك في الدنمارك.