بعد اجتماع في وزارة العدل.. الاتحاد الإسلامي يكشف بعض معالم مقترح الحكومة حول حرق المصحف
كوبنهاجن، خاص بنبض الدنمارك
اجتمع عدد من ممثلي الاتحاد الإسلامي الدنماركي مع موظفين كبار في وزارتي العدل والخارجية الدنماركية يوم أمس الجمعة، وحضر الاجتماع من الاتحاد الإسلامي الدنماركي السكرتير العام أحمد دينيز، والمتحدث باسم الاتحاد د. عرفان أحمد.
وبين الاتحاد الإسلامي الدنماركي أن الاجتماع جاء بطلبه منه تناول قضية تكرار حرق نسخ من المصحف الشريف في الدنمارك خلال الأسابيع القليلة الماضية ومقترح القانون الذي تعكف الحكومة الدنماركية على إعداده في هذه الأيام.
وفي حديث مع موقع نبض الدنمارك كشف المتحدث باسم الاتحاد د. عرفان أحمد أن موظفي وزارتي العدل والخارجية تحدثوا خلال الاجتماع عن ملامح مشروع القانون الذي سيتم بموجبه تجريم حوادث حرق المصحف الشريف، وأضاف:” أخبرنا المسؤولون في وزارة العدل أن العمل يجري على قدم وساق لإعداد نص مقترح لقانون يجرم حرق نسخ من المصحف وبينوا أن الحديث يدور عن قانون جديد وليس فقط تعديل في فقرة هنا أو فقرة هناك”.
وأوضح أحمد أن المسؤولين في وزارتي الخارجية والعدل شددوا على أن موضوع إعادة العمل بقانون ازدراء الأديان الذي تم إلغاؤه في عام 2017 غير مطروح على الطاولة إطلاقا لأنه لا توجد أغلبية برلمانية تدعم هذه الفكرة، ورفضوا في نفس السياق إعطاء توضيحات أكثر حول طبيعة الأفعال التي سيجرمها نص القانون المتوقع عرضه على البرلمان.
متى سيتم عرض المقترح؟
وحول الجدول الزمني لإصدار القانون قال أحمد:” الرسالة في الاجتماع كانت واضحة فيما يتعلق بموعد طرح مقترح القانون على البرلمان، فتوقعاتهم تشير إلى بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم على أحسن تقدير، وهذا شيء نتفهمه من طرفنا لأن عملية صياغة القوانين في الدنمارك تأخذ فترة زمنية طويلة”. وتتحدث أطراف دبلوماسية عربية أن المقترح سيتم عرضه في نهاية هذا العام.
وبحسب العرف السياسي والدستوري تتطلب عملية اعتماد قوانين جديدة في الدنمارك مدة زمنية تتراوح بين 3 إلى 5 شهور كحد أدنى في الوضع الطبيعي، وتتضمن عدة خطوات قانونية وإدارية داخل الوزارات المعنية في المرحلة الأولى وبعد ذلك يتم عرض مقترح القانون على المؤسسات الأهلية والشعبية والقانونية المعنية وعلى الجمهور لإبداء آرائهم وملاحظاتهم الخطية على المقترح وتستمر هذه المرحلة في العادة حوالي أربعة أسابيع وتقوم الوزارة بعدها بتعديل النص إذا تطلب الأمر ذلك وإرسال المقترح إلى البرلمان الذي يناقش حوالي 200 مقترح قانون كل عام.
وتفرض اللوائح الداخلية في البرلمان الدنماركي شرط مرور 30 يوما على عرض مقترح القانون والتصويت عليه بالقراءة الثالثة والأخيرة، ولكن في بعض الحالات الاستثنائية يستطيع البرلمان والحكومة تعجيل خطوات المصادقة على القوانين الجديدة، ولكن هذا يتطلب دعما من 75% من أعضاء البرلمان.
وفي تعليق على هذه النقطة قال المتحدث باسم الاتحاد الإسلامي في الدنمارك عرفان أحمد:” مسؤولو وزارة العدل بينوا لنا أنه لا تتوفر الأغلبية البرلمانية اللازمة لتسريع عملية التصديق على مقترح القانون في هذه القضية ونحن نتفهم الوضع السياسي الداخلي في الدنمارك”.
وحول استمرار مجموعة دنماركية صغيرة بحرق نسخ من المصحف في أماكن مختلفة من البلاد قال:” نحن ندرك حالة الغضب والشعور بالإحباط التي ترافق هذه الحوادث، ولكن الاتحاد في حوار مستمر مع أغلب المؤسسات والجمعيات الإسلامية في الدنمارك ونشعر بوجود تفهم للخط الزمني لسن القوانين في البلاد، وبدورنا نعمل على التحضير لبعض الفعاليات والنشاطات بهدف تقوية موقفنا الإعلامي والقانوني في هذا الاتجاه.” ولكن المتحدث استبعد فكرة تنظيم مظاهرات احتجاجية في الشوارع والميادين وقال:” هذه المرحلة تتطلب عمل منظم على مستويات متعددة ولذلك نرى أن الوقت غير مناسب لتنظيم تظاهرات، ونحن نتفهم ونحترم المؤسسات والجمعيات التي لا تشطرنا الرأي في هذه المسألة.”
رغبة في حوار على المستوى السياسي
الاتحاد الإسلامي الدنماركي أشار على لسان المتحدث باسمه أن الرسالة التي تم توجيها للوزارتين كانت تتضمن دعوة لترتيب اجتماع مع كل من وزير العدل بيتر هوميلغورد ووزير الخارجية، لارس لوكه راسمسون، ولكن ظروف عملهم لم تسمح بذلك وأستطرد قائلا:” عندما أنظر إلى السويد والنرويج وأشاهد كيف يجتمع سياسيون من الصف الأول مع المسلمين هناك أشعر بغصة في نفسي وأتطلع أن يحدث نفس الشيء في الدنمارك في المستقبل القريب مع تفهمي لمعالم الخارطة السياسية الحالية في البلاد”.
وأكد المتحدث باسم الاتحاد على أن مسلمي الدنمارك جزء مهم من المجتمع الدنماركي والحكومة مطالبة بفتح قنوات حوار معهم تساهم في التعبير عن القيم السائدة في الدنمارك.
ولم يصدر أي تعليق من وزارتي العدل والخارجية على الاجتماع مع ممثلي الاتحاد الإسلامي الدنماركي.
ويُعرف الاتحاد الإسلامي الدنماركي الذي تم تأسيسه في عام 2004 عن نفسه كمؤسسة إسلامية جامعة لمسلمي الدنمارك، ويضم تحت مظلته 55 ألف مسلم ينتمون لأكثر من 85 مسجدا وجمعية في البلاد، ويوضح الموقع الالكتروني للاتحاد أنه يضم كل من مؤسسة ديانات التركية ومنهاج القرآن الباكستانية وكذلك الوقف الإسكندنافي في كوبنهاجن وعدد آخر من الجمعيات والمؤسسات. وتمتع كل مؤسسة باستقلالية مالية ولا يعتبر الاتحاد مؤسسة دينية معتمدة لدى وزارة الكنائس الدنماركية.
ومن الجدير بالذكر أنه يوجد “اتحاد” آخر لمسلمي الدنمارك تحت اسم، الاتحاد الإسلامي في الدنمارك ويضم أيضا في عضويته عدد من الجمعيات والمساجد أغلبها لمسلمين من أصول عربية ويترأسه سمير الرفاعي ويشارك في بعض الأحيان في اجتماعات مع الوزارات الدنماركية. وكذلك توجد عشرات الجمعيات والمؤسسات الإسلامية التي تتقسم في أغلبها حسب الأوطان الأصلية للقائمين عليها أو تحمل أسماء ذات علاقة بدول وجمعيات إسلامية دولية مختلفة. ويعيش في الدنمارك حوالي 300 ألف مسلم، يشكل المنحدرون من أصول عربية حوالي 45% منهم.